المقالات

ألوان بشرية

شارك

يوجد نوع واحد من البشر على كوكب الأرض؛ ألا وهو «الهومو سابيان» (Homo sapiens). ويقوم علماء الإنسان والأحياء بتصنيف جميع الأعراق الموجودة اليوم تحت ذلك النوع؛ مما يشير إلى أن الاختلافات بين الأعراق البشرية ليست كبيرة.

بل في الواقع فإنه مقارنةً بالعديد من أنواع الثدييات الأخرى فالبشر أقل تنوعًا جينيًّا بدرجة كبيرة، وهو واقع يخالف البديهة؛ نظرًا لضخامة حجم البشرية واتساع انتشارها في العالم. فعلى سبيل المثال، للنوع الفرعي من الشمبانزي الذي يعيش في وسط إفريقيا (Pan troglodytes troglodytes) فقط مستويات أعلى من التنوع عن تلك الموجودة في البشر على مستوى العالم بأسره. كما أن التفاضل الجيني بين الأنواع الفرعية من الشمبانزي في الغرب (P.t. verus) والوسط (P.t. troglodytes) أكبر كثيرًا عن ذلك الموجود بين السلالات البشرية.

ومن الملفت للنظر أن «الاختلافات» بين المجموعات البشرية ليست أكثر وضوحًا من تلك الموجودة بين أفراد المجموعات ذاتها. فيتنوع لون بشرة الزنوج ما بين الأسود والبني المصفر الفاتح. كما يتنوع لون بشرة المنغوليين من الأصفر إلى الأبيض من جهة والبرونزي من جهة أخرى. ويتنوع لون بشرة القوقازيين من الوردي كما في إنجلترا إلى البني الداكن كما في جنوب الهند.

وفي الواقع، فقد أظهرت الدراسات المبكرة للتنوع البشري أن أغلب التنوع الجيني يكون بين الأفراد وليس المجموعات أو القارات، وأن الوصف الأفضل للاختلاف في التنوع البشري يكون باستخدام التدرجات الجغرافية.

فقد كشفت دراسة واسعة النطاق تم نشرها في عام 2004 أن 87.6% من إجمالي التنوع الجيني البشري الحديث يرجع إلى الاختلافات بين الأفراد، وأن 9.2% فقط يرجع إلى الاختلافات بين القارات. وبصفة عامة، يكون من 5% إلى 15% من الاختلاف الجيني بين المجموعات الكبيرة التي تعيش في قارات مختلفة، بينما تكون غالبية النسبة المتبقية داخل المجموعات نفسها.

تشير تلك النتائج إلى أنه عندما يتم اتخاذ عينات من الأفراد من جميع أنحاء العالم لا يكون النمط الناتج هو تجمعات منفردة، ولكن تدرجات من الاختلافات الجينية الممتدة عبر العالم بأسره. ولذلك لا يوجد سبب للزعم بوجود انقطاعات جينية رئيسية بين الشعوب في القارات المختلفة أو «الأعراق».

وفي واقع الأمر، فإن لون البشرة ― والذي يشير إليه معظم الناس عند الحديث عن «العرق» ― هو نتاج صبغة بنية موجودة في البشرة تعرف بالميلانين. وللميلانين دور أكبر بكثير من مجرد إضفاء الصبغة أو اللون على الجسم؛ فدوره الأهم هو حماية الجسم من امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس، والتي من شأنها أن تدمر البشرة وقد تتسبب في سرطان الجلد إذا لم يقم الميلانين بترشيحها.

وكلما زاد الميلانين في بشرة الشخص، كانت داكنة اللون عند البلوغ، وبالعكس فكلما قَلَّ الميلانين في البشرة، كانت أفتح لونًا. وأما الشخص الذي لا يكون ببشرته ميلانين، فيسمى بالأمهق؛ حيث لا يستطيع جسمه إفراز الميلانين. ويرجع اللون الوردي المبيض لبشرة هؤلاء إلى أنها تكون شفافة ويكون ذلك هو لون الأوعية الدموية الموجودة تحت الجلد.

ولذلك فإن ادعاء وجود تنوع كبير في ألوان البشرة في العالم ليس بدقيق؛ فهناك عنصر لوني واحد للجنس البشري، وتعتمد درجة لون البشرة على كمية الميلانين الموجود.

*المقال منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد الفصل الدراسي الثاني 2012/2013.

المراجع

apologeticspress.org
humanorigins.si.edu

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية