قوة الانصهار

شارك

إن الانصهار النووي هو أحد البدائل الواعدة وصعبة المنال لمصادر الطاقة الحالية. فتتمثل مشكلة الطاقة المتجددة في كونها مكلفة وغير ثابتة. فالطاقة الشمسية، على سبيل المثال، قد تخذلك في الأيام الملبدة بالغيوم، وكذلك طاقة الرياح في الأيام التي لا يوجد بها رياح. لكن بغض النظر عن كل ذلك، ماذا يحدث إذا كان هناك مصادر طاقة غير متجددة والتي يمكنها أن تحل محل الوقود الحفري لملايين السنوات القادمة؟

ما هو الانصهار؟

لقد قام ألبرت أينشتاين باستخلاص أحد أشهر المعادلات في العلم الحديث وهي ط = ك س2، والتي تشير إلى إمكانية تحويل الكتلة إلى طاقة والعكس. ويتم ذلك التحويل في وجود ثابت يحكم هذه العملية التحويل وهو سرعة الضوء مربعة، والتي تعد رقمًا كبيرًا جدًّا. وهذا يعني أنه بإمكان كتل صغيرة الحجم أن تنتج طاقات عالية جدًّا، وتلك هي نفس فكرة عمل الانشطار النووي. فالانشطار النووي هو انفصال ذرة كبيرة إلى ذرتين صغيرتي الحجم. لكن يبقى الغريب في الأمر أن يكون مجموع كتلتي الذرتين الصغيرتين أقل من مجموع كتلة الذرة الكبيرة نفسها. إذن ما الذي يحدث لفارق الكتلة؟ لقد فُقد هذا الفارق في صورة طاقة حرارية.

إن الانصهار النووي لهو أحد أشكال التفاعلات النووية التي تم اكتشافها مؤخرًا، فبعض الذرات يمكن أن تتصل ببعضها مكونة ذرة واحدة أكبر. ويمكن ملاحظة ما يحدث من تناقض من هنا، فكتلة الذرة الكبرى يمكن أن تكون أقل من مجموع كتلتي الذرتين المتصلتين! فالطاقة المتبقية يتم فقدها هنا أيضًا كما هو الحال في الانشطار. إذن متى تصدر طاقة من الانصهار؟ ومتى يحدث انشطار؟ لقد تم اكتشاف أنه في حال إن كانت الذرات أخف وزنًا من الحديد-56، فإنه يحدث انصهارً في أقل كتلة إجمالية، مصدرًا بذلك حرارة. أما في حالة الذرات الثقيلة، فإن الانشطار يكون هو الفائز، في حين يكون دور الانصهار مقتصرًا على امتصاص الحرارة. وفي حقيقة الأمر، إن الطاقة الصادرة من الشمس هي نتاج ملايين من التفاعلات الانشطارية التي تحدث على سطح الشمس، وخاصة في ظل وجود ذرات الهيدروجين. وينتج عن هذه التفاعلات إصدار غاز الهيليوم.

الإنتاج التجاري

إن مشكلة الانصهار تكمن في كونه أكثر صعوبة في التحقيق من الانشطار؛ حيث إن عملية الانصهار تتطلب كثيرًا من الطاقة لإجبار ذرات الهيدروجين على الاصطدام وتكوين تشكيلات بعينها. إن هناك لمحاولات استمرت لأكثر من 60 عامًا بعد المحاولات الأولى لبدء مصنع انشطاري تجاري ولكننا لم نصل لشيء حتى الآن. ولكن الأمل ما زال موجودًا؛ حيث إن لوكيد مارتين – وهو من الرواد في مجال الفضاء –  قد توصل إلى نموذج بإمكانه أن يعمل بحلول عام 2017. ذلك النموذج الذي يطبق تقنية المجال المغناطيسي، تلك التقنية التي تضغط على ذرات الهيدروجين لإجبارها على الاندماج. وقد صمم هذا النموذج في منتهى الصغر بحجم (2 × 2 × 4 أمتار)؛ بحيث يمكن تركيبه في أية غرفة بسهولة، بالإضافة إلى أنه ينتج ما يعادل 100 ميجاواط من الطاقة، والتي تكفي لتوفير الكهرباء لما يقرب من 100.000 منزل!

آفاق جديدة

إن قوة الانصهار حلم طال انتظاره، وها هو على وشك أن يتحقق. فنوع الهيدروجين الفريد (الديوتريوم والتريتيوم) اللازم لتفاعلات الانصهار متوفر في الطبيعة، وخاصة في مياه البحر. فإذا كُتب لجهود لوكيد مارتين النجاح، فإن الانصهار هو ما سيمد جميع منازلنا بالطاقة قريبًا. إن هذه الجهود بمثابة طوق النجاة لنا كي نتخلص من التكاليف الباهظة وكذلك الحاجة إلى توفير كميات كبيرة من الوقود، بالإضافة إلى التخلص من انبعاثات صفر الكربون.

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية