الاستغماية البحرية

شارك

التمويه عملية تقوم خلالها الكائنات بتغيير ألوانها وَفقًا للبيئة المحيطة بها، حيث يصبح من الصعب تمييزها عما يحيط بها. وقد تستخدم بعض الكائنات التمويه لتتنكر في صورة كائنات أو أشياء أخرى خطيرة أو غير مثيرة للاهتمام، وذلك لإبعاد مفترسيها. والطريقتان الأكثر شيوعًا اللتان تستخدمهما الكائنات لتغير ألوانها هما التلون الكيميائي والتلون الفيزيائي. أما في عملية التلون الكيميائي، فتستخدم الحيوانات خلايا صبغية ميكروسكوبية طبيعية موجودة في أجسامها تُسمى الكروماتوفورز، والتي تقوم بامتصاص بعض أطياف الضوء وتعكس أخرى. وأما في عملية التلون الفيزيائي، فتقوم الحيوانات بتغيير ألوانها عن طريق بنيات فيزيائية ميكروسكوبية تعمل بمثابة مواشير تقوم بتكسير الضوء وبعثرته، مما يؤدي إلى عكس بعض تركيبات الألوان. 

الأخطبوطات المحاكية

يكمن في المسطحات المائية الإندونيسية والماليزية الضحلة المفتوحة كائن حديث الاكتشاف ماهر بفنون التمويه تحت الماء؛ ألا وهو الأخطبوط المحاكي. ومثله كمثل الحَرابي، يستخدم الأخطبوط المحاكي الخلايا الصبغية لتغيير لونه، ولكنه لا يغير لونه فحسب، بل تتمتع هذه الأخطبوطات بمهارة فائقة في التنكر في صورة مجموعة كبيرة من الحيوانات البحرية الأخرى مثل ثعابين البحر، وأسماك التنين، وقناديل البحر، وأسماك موسى، وذلك لتفادي المفترسات.

فلمحاكاة أسماك التنين، يقوم الأخطبوط بتغيير لونه لتظهر على جسمه أنماط مخططة، ويقوم بالسباحة مُحيطًا رأسه بأذرعه الطليقة، والتي تبدو كأنها شوكات سمكة التنين السامة. وبالمثل، فلمحاكاة ثعبان البحر المميت، يدفن الأخطبوط جسده تاركًا ذراعين فقط يقوم بتحريكهما معًا.

"إن ذكاء هذا الكائن المنعكس في قدرته على محاكاة أنواع مختلفة من المخلوقات البحرية وَفقًا للظروف لأمر مدهشٌ". أوضح هيلي هاميلتون، مدير مركز المعلوماتية التطبيقية للتنوع الحيوي بأكاديمية كاليفورنيا للعلوم. فوَفقًا لنوع التهديد الذي يواجهه، يستجيب الأخطبوط بتغيير لونه وشكله ليبدو كأنه مفترس من مفترسات الكائن الذي يهدده.

أحصنة البحر

يُطلق على أحصنة البحر حَرابي البحار، فتعرف بقدراتها الفائقة في التمويه، مما يجعلها من أشهر لاعبي الاستغماية في الحياة البحرية. وأحصنة البحر كائنات بحرية صغيرة تسبح في وضعٍ قائم، بحيث تكون ذيولها أسفل ورءوسها أعلى. ولهذه الكائنات أنواع عديدة تتوزع عبر العالم، وعادة ما تستوطن الشُعب المرجانية والقيعان البحرية العشبية.

وتغير تلك المخلوقات الصغيرة ألوانها استجابة لعوامل عديدة منها الإجهاد، والتفاعلات الاجتماعية، ودرجة الحرارة، والمرض، والنظام الغذائي. ولأنها ضعيفة في السباحة تقوم أحصنة البحر بتغيير ألوانها لتمتزج بما يحيط بها، وذلك التماسًا للحماية من مفترساتها ولمساعدتها على الإمساك بفرائسها.

تتغير ألوان أحصنة البحر عندما تقوم بقبض الخلايا الصبغية الموجودة بجلدها أو بسطها، مما يُظهر قطاعًا عريضًا من الألوان منها درجات الأخضر، والبرتقالي، والأحمر، والأسود، والأبيض. وعلاوة على ذلك، تستطيع بعض أنواع أحصنة البحر إنتاج زوائد شبيهة بأوراق الأعشاب البحرية، أو ملحقات طويلة تجعلها شبيهة بالشُعب المرجانية المحيطة بها بشكل أفضل.

*المقال منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد الفصل الدراسي الثاني 2012/2013.

المراجع

science.howstuffworks.com
magma.nationalgeographic.com
livescience.com
animals.nationalgeographic.com
news.nationalgeographic.com
education.nationalgeographic.com
whatcom.wsu.edu
asknature.org
scienceray.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية