المقالات

ضمور العضلات الشوكي

شارك

منذ عدة أسابيع، اجتاحت قصة طفل صغير يُدعى رشيد وسائل التواصل الاجتماعي عندما استنجد والداه بالحكومة لتوفير العلاج المطلوب لمرض ابنهما النادر: ضمور العضلات الشوكي. والعلاج عبارة عن حقنة يبلغ ثمنها 2.1 مليون دولار أي ما يعادل 35 مليون جنيه مصري! كان الوالدان يائسين لأن رشيد عليه أن يحصل على هذه الحقنة قبل إتمام عامه الثاني وكان المتبقي من الوقت أربعة أشهر فقط. فأُطلقت عديدًا من الحملات والهاشتاجات على وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة على جمع المبلغ المطلوب من أجل الحصول على الحقنة. ولم تساعد تلك الحملات عائلة رشيد على جمع المبلغ المطلوب فحسب، بل ساعدت على زيادة الوعي بهذا المرض أيضًا. إذًا، ما هو هذا المرض ولما تكلفة علاجه باهظة الثمن بهذا الشكل؟

إن ضمور العضلات الشوكي اضطراب جيني نادر يؤثر في الأعصاب والعضلات نتيجة لطفرة في جين يُسمى «الخلايا العصبية الحركية 1 (إس إم إن 1)»، وهو الجين المسؤول عن إنتاج بروتين معين ضروري لعمل الخلايا الحركية بشكل طبيعي. في حالة نقص هذا البروتين، تنقسم الخلايا العصبية ويتوقف الدماغ عن إرسال الإشارات التي تتحكم في العضلات. عادة، يرث الطفل نسخة من جين الإس إم إن1 من كلا الوالدين؛ فإذا كان الطفل مصابًا بضمور العضلات الشوكي، هذا يعني أنه ورث نسختين متضررتين من الجين، نسخة من الأم ونسخة من الأب. إذا ورث الطفل نسخة واحدة متضررة، لن يصاب بضمور العضلات الشوكي، ولكنه سيصبح حاملًا للمرض وبإمكانه أن يورثه لأطفاله فيما بعد.

يتسبب هذا المرض في ضعف العضلات وتضررها بشكل كبير ويمكن أن تضمر في النهاية، وهذا سوف يؤثر في حركة الطفل وتنفسه وقدرته على البلع وتغذيته. هناك عدة أنواع من مرض ضمور العضلات الشوكي، وتختلف الأعراض والمضاعفات حسب النوع. يحدد العمر الذي تظهر فيه الأعراض مدى خطورة الحالة وشدتها. إن أكثر الأنواع ندرة وشدة هو الذي يظهر في أثناء حمل الأم؛ فعادة يولد هؤلاء الأطفال بمشكلات في المفاصل ولا ينجون نتيجة صعوبات في التنفس.

يصيب نوع آخر من مرض ضمور العضلات الشوكي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-18 شهرًا؛ تختلف الأعراض من معتدلة إلى شديدة وعادة ما تتأثر الساقان أكثر من الذراعين. وكذلك، هناك نوع نادر من ضمور العضات الشوكي يصاب به البالغون، وعادة ما يؤثر في الأجزاء العلوية من الذراعين والسيقان. يمكن أن تستمر هذه الأعراض مدى الحياة، ولكن يمكن أن تتحسن بممارسة التمرينات والعلاج الطبيعي.

للأسف، لا يوجد دواء محدد يشفي المرضى تمامًا من هذا المرض؛ ولكن، هناك علاجات من شأنها أن تتحكم في المرض وأعراضه ومضاعفاته. يمكن للعلاج الطبيعي والغذائي أن يساعد المرضى على التعايش مع هذا المرض، ولكن في بعض الحالات الأكثر شدة، لن تكون هذه العلاجات فعالة لفترة طويلة. ومع ذلك، إحدى طرق العلاج تسمى بالعلاج التعويضي للجينات، ومهمته إصلاح أسباب المرض.

إن الدواء المذكور عبارة عن حقنة وريدية تؤخذ مرة واحدة قبل إتمام الطفل عامه الثاني. يرسل هذا العلاج نسخة من جين «إس إم إن» SMN إلى مجموعة محددة من الخلايا العصبية الحركية. تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتلقون هذا العلاج قبل سن السنتين بلغوا مراحل نمو معينة بشكل أسرع، مثل التحكم في رأسهم، أو الجلوس بدون مساعدة.

يعكس السعر الباهظ للدواء القيمة التي يقدمها، حيث تمثل العلاجات الجينية طفرة طبية تمنح آمالًا في توفير علاج للأمراض الجينية النادرة. وفقًا للمدير التنفيذي للشركة المصنعة للدواء: «أنه يغير حياة العائلات المتضررة من هذا المرض اللعين بشكل كبير». يحتاج تصنيع دواء جديد نحو 2.6 مليار دولار بالإضافة إلى أنه يستغرق وقتًا طويلًا. علاوة على ذلك، فإن معدل الفشل عالي، لذلك يعتمد المصنعون على الأدوية الناجحة المعتمدة لاستعادة استثماراتهم.

منذ أن حظيت قصة رشيد باهتمام كبير، فالخبر السار هو أن الرئيس المصري قد أطلق مبادرة، في يونية 2021، للكشف المبكر عن الأمراض الجينية والوراثية، بما في ذلك مرض ضمور العضلات الشوكي. بالإضافة إلى أن الحكومة سوف تتحمل نفقات علاج مرضى ضمور العضلات الشوكي بالتعاون مع صندوق تحيا مصر. وبالفعل، تلقت طفلة أخرى تدعى ليال العلاج من خلال هذه المبادرة.

المراجع

healthline.com
webmd.com
curesma.org
ahram.org.eg

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية