تراهم يتفقدون علاماتهم الحيوية في اليوم عشرات المرات، ويبحثون دائمًا عن أعراض لديهم قد تتشابه مع أعراض مرض مزمن أو خطير، ورغم تأكيد الأطباء على خلوهم من الأمراض إلا أنهم يستمرون في البحث؛ لأنهم مصابون باضطراب توهم المرض.
يُعد توهم المرض أحد اضطرابات القلق، وفيه يشعر المصاب به دومًا بالقلق حيال حالته الصحية ولا يستطيع التركيز على شيء آخر سوى القلق على صحته. كثير من المصابين بالاضطراب يقضون وقتًا طويلًا في المرافق الصحية؛ إذ يدفعهم قلقهم المفرط إلى استشارة عدة أطباء والبحث عن تشخيصات متعددة وإجراء فحوصات على نحو متكرر. ورغم حالتهم الصحية ونتائج فحوصاتهم الجيدة، تساورهم الشكوك أنه ربما قد يكون الطبيب فاته شيء ما أو أن الفحوصات لم تتم على الوجه الأكمل. وعلى نحوٍ مخالف، يتجنب آخرون منهم الذهاب إلى الأطباء لأنهم لا يثقون بهم لظنهم أنهم لا يأخذون شكواهم على محمل الجد.
هناك بعض الممارسات التي تزيد من القلق لدى المصابين بهذا الاضطراب؛ مثل متابعة البرامج التلفزيونية ومحتوى الإنترنت المتعلق بالصحة والأمراض، وربما تتبع أخبار أشخاص مصابين بأمراض خطيرة. وف حين أنه أسباب الإصابة بهذا الاضطراب لم تُعرف بعد على وجه التحديد، توجد عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة به، ومنها:
- وجود تاريخ عائلي من الإصابة باضطرابات القلق.
- المعاناة من صدمات في الطفولة مثل إساءة المعاملة أو الإهمال.
- السمات الشخصية التي تميل إلى القلق على نحو مفرط.
يؤثر الاضطراب في حياة المصابين فينعكس على علاقاتهم الشخصية والعائلية. فالقلق المفرط يؤدي إلى إصابة المحيطين بهم بالتوتر لأنهم يحتاجون دومًا إلى تطمينات أنهم على ما يرام. وربما يتجنبون الاختلاط بالناس خوفًا من الإصابة بمرض أو التقاط عدوى، وقد يصيبهم الأرق إذ تراودهم أفكار كثيرة بشأن صحتهم تمنعهم من النوم.
يعتمد العلاج على السيطرة على القلق وتحسين القدرة على القيام بالأنشطة اليومية، ويعد العلاج المعرفي السلوكي أبرز طرق العلاج فهو يساعد المرضى على:
- تحديد المخاوف والقناعات التي تدفعهم للاعتقاد بأنهم مرضى أو عرضة للأمراض.
- رفع الوعي بشأن مدى تأثير القلق المفرط على حياتهم.
- تغيير استجابتهم لما يشعرون به من أعراض وكيفية التعامل معها دون مبالغة في تفسيرها أو اعتبارها علامات لمرض خطير.
- تعلم مهارات مختلفة للتأقلم مع القلق.
- السيطرة على الإحساس الدائم بالحاجة إلى الفحص المتكرر أو الذهاب للطبيب.
- في بعض الحالات، قد يصف الأطباء مضادات الاكتئاب أو الأدوية التي تحسن المزاج وتعالج اضطرابات القلق.
يستطيع المصابون مساعدة أنفسهم للتغلب على القلق المفرط من خلال عدة خطوات بسيطة مثل:
- تدوين المرات التي يتفحصون فيها علاماتهم الحيوية أو يطلبون تطمينات من الآخرين أو يبحثون فيها عن معلومات صحية على الإنترنت، ويحاولون تقليل عددها تدريجيًّا.
- كتابة الفكرة التي تقلقهم وفكرة واقعية مقابلة لها، مثل الشعور بالصداع وتفسيره على أنه عرض لمرض خطير، والفكرة المقابلة أنه قد يكون ناتج عن التوتر.
- الانشغال بأنشطة أخرى عند الشعور بحاجة إلى تفقد العلامات الحيوية مثل الخروج للمشي أو ممارسة هواية.
- ممارسة الأنشطة التي أصبحوا يتجنبونها بسبب قلقهم المفرط مثل ممارسة الرياضة أو حضور المناسبات الاجتماعية.
وختامًا يجب ألا نخلط بين القلق الصحي الذي يهدف إلى الاهتمام بالصحة والكشف المبكر عن الاضطرابات والأمراض وبين توهم المرض الذي يعيق صاحبه عن ممارسة حياته على نحو طبيعي فيتطلب الأمر وعيًا وصبرًا للتفرقة بين الأمرين والاستمتاع بحياة متوازنة.
المراجع
healthdirect.gov.au
mayoclinic.org
my.clevelandclinic.org
nhs.uk
psychologytoday.com
Cover image by Freepik