القهوة: نعمة أم نقمة؟

شارك

من أول الأشياء التي يعرفها الناس عني هو أنني محبة للقهوة! وأنا بالطبع لست متميزة في هذا الشأن على الإطلاق؛ فهذه العادة شائعة ومنتشرة على نطاق واسع بين الناس، وكذلك الجدل حولها.

أنا متأكدة أن معظم محبي القهوة، إن لم يكن كلهم – مثلي – يشعرون بالرغبة في احتساءها على مدار اليوم. والدافع الوحيد لمقاومتي تلك الرغبة هي أنني أعلم، عن تجربة سيئة، أن كثيرًا من القهوة ليس أمرًا صحيًّا. مع ذلك، وبعد عقود، لا أتخيل أن يأتي يومًا لا أشعر فيه برغبة في احتساء القهوة. لذلك، بالنسبة إلى محبي القهوة أمثالي، ما سبب تعلقنا بها؟ ولماذا يعد هذا أمرًا جيدًا؟ ولماذا ليس أمرًا جيدًا؟

الجانب المشرق

القهوة تعزز الذاكرة، وتحسن التركيز، وتقلل الإرهاق. ولا تظهر الدراسات الحديثة صلة بين تناول القهوة باعتدال وبين خطر الإصابة بأمراض القلب أو السرطان.

أظهرت دراسات عدة أن الناس الذين يشربون القهوة ليبدأوا يومهم يكون أدائهم أفضل في المهام الإدراكية مقارنة بمن لا يفعلون المثل، كما تكون فاعلية تعلمهم وتحصيلهم للمعلومات الجديدة أكبر. والمزج بين القهوة ووجبة مسكرة خفيفة من شأنه أيضًا أن ينشط أجزاء المخ المعنية بالانتباه والذاكرة، فتجعلها أكثر فاعلية.

معظم أنواع القهوة لها خواص مضادة للأكسدة؛ فتحافظ على صحة خلايا المخ وتعزز أداء الناقلات العصبية. بالإضافة إلى ذلك، فحسب الدراسات، قد يساعد شرب القهوة باعتدال على تقليل خطر الإصابة بالأمراض العقلية ومرض الزهايمر، وكذلك مرض باركنسون (الشلل الرعاش).

الجانب المظلم

ترتبط كثير من الآثار السلبية لشرب القهوة بالكافيين. فكيميائيًّا يشبه الكافيين كثيرًا الأدينوزين، والأخير هو المادة الكيميائية «المبطئة» في المخ، التي ترتبط بالنعاس واسترخاء الخلايا الدموية. لذلك يلتصق الكافيين بمستقبلات الأدينوزين على الخلايا العصبية، ما لا يترك مكانًا للأدينوزين للدخول، لذا يسرع نشاط الخلية العصبية، وتنقبض الخلايا الدموية، وتشعر بدفعة الكافيين. فإذا استهلك الكافيين بكثافة، قد يؤدي إلى النزق، والقلق، وآلام المعدة، وقلة النوم.

كثيرًا ما يستخدم القهوة الراغبون في تقليل كمية ما يأكلون؛ ولكن، مع الأسف، قد يؤدي الكافيين إلى تذبذب مستويات السكر في الدم بشكل حاد، ما قد يؤدي إلى الشعور بالرغبة الشديدة في تناول السكريات، ويأتي بدوره بنتيجة عكسية. بالإضافة إلى ذلك، بعض المركبات في القهوة غير المنقاة قد تزيد من نسبة الكولسترول السيء.

كذلك فإن شرب القهوة يتسبب في خسارة الجسم للكالسيوم، وذلك عن طريق التبول المفرط؛ ومع مرور الوقت، قد يؤدي التناول المفرط للقهوة إلى تدهور حالات مثل هشاشة العظام. لحسن الحظ، يمكن تفادي ذلك بإضافة ملعقتي لبن كبار على المشروب.

هل نشرب القهوة أم نمتنع عنها؟

يقدر الاستهلاك المعتدل بحوالي أربعة أكواب قهوة أو 400 ملجم من الكافيين؛ حيث تظهر الآثار السلبية للقهوة عند تناول خمسة أكواب أو أكثر يوميًّا. وبينما تختلف الآثار المستمرة للكافيين بين شخص وآخر، فعادة ما يحتاج ست ساعات للخروج من الجسم؛ لذلك، قد يتسبب تناول القهوة في وقت متأخر من اليوم في تعطيل القدرة على النوم، وهو ما قد يدفعك لشرب مزيدٍ منها في اليوم التالي، ويدخلك في دائرة مفرغة من الاستهلاك المفرط.

الخبر الجيد هو أن القهوة ليست سيئة؛ ولكن ليس كثيرًا منها، وهو ما يتراوح من شخص إلى آخر. هكذا، يمكننا مطمئنين إشباع رغبتنا... باعتدال.

المراجع

myfooddiary.com
spectrumnutrition.ie
eatingwell.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية